في ظل الأحداث الدامية التي يذبح فيها المسلمين على أيدي اليهود والنصارى
تتوالى القصص والحكايات .. هذا مسلم حُكِمَ عليه بالقتل ظلماً .. وقبل
القتل بلحظات صرخ في وجهِ أعدائه بهذه الكلمات لترسمَ لنا صورة العِزِّ
والإباء... ولنسمعها أنشودة تنبض بالشموخ والكبرياء:
اذبحوني .. لعلني أستريحُ
لا أرى في البقاء شيئاً يُريحُ
اذبحوني فمُنْيَتي الموتُ في دارٍ
بها جحفلُ البُغَاةِ يسيحُ
ليس من مات في علاه ذبيحاً
إنَّ من عاشَ بالهوان الذبيحُ!!
يشتكي في الجِرَاب سيفي ويبكي:
ما ليمناك لم تعدْ بي تلوحُ؟!
قلت: يا سيف ما ملكتُ يميني
لا ولا مرجلاً بقلبي يفوحُ
ليس يثني عزيمتي ـ وأنا حرٌ
جيوشٌ وسط اللهيب تصيحُ
لم أُدِرْ للوراء رأساً وما
بُحـــتُ لغير الإله فيما أبوحُ
ساقني الغدر.. لا.. بل استقت نفسي
كبريائي يقودني والطموحُ
ما شجاني إلا دموعُ صغيري:
يا أبي! إن رحلتَ أين تروحُ؟
وملاكُ الفؤاد أمّي إذا ما
أثقلتها من الفراق الجروحُ
ودَّعَتْني يوم الرحيل وقالت
وهي من لفحة العذاب تنوحُ:
من سيرعى بُنيَّ زهرَ الأماني
في فؤادٍ توسَّدَتْه القروحُ
آه يا أمُّ! ذاك شوقي وهذا
خافقي من أسى الفراق جريحُ
أُبصر الليل مثقلاً بهمومي
وأرى الذكريات حولي تلوحُ
أنا لله أستقلُّ الأماني
عيبُ قصدي خلوصه والوضوحُ
يشتكي الدهرُ لثغة القوم ذلاً
وإبائي ثغر الزمان الفصيحُ
ما طموحُ الفتى بمُجدٍ إذا لم
يك فوقَ السماء ذاك الطُّموحُ
اذبحوني لعلَّ قومي يفيقون
على صيحتي، فيصحو الصحيحُ
إن يكُ البعد جمرةً فحياةٌ
في زمان الهوان نارٌ تفوحُ
قد قضى الله أمره فإذا عشتُ
فأسرٌ وإن أَمُتْ فضريحُ
وسيبقى بعد الممات إبائي
مثلما كان في الحياة يلوحُ